البطة الوحيدة
بقلم / محمد ابراهيم اسحاق
في ما مضى كنا نمتلك بطة وحيدة , و بالطبع جميعكم يعلم صفات البط , الغباء , النتانة و الإزعاج , لذلك قررنا التخلُص منها , لأننا إكتشفنا أن مساوئها أكثر من حسناتها , فهي لا تكُف عن العبث بأشياء المنزل , و لأننا فشلنا في ترويضها و تربيتها حتى تصبِح مُحترمة كالدجاج , و صدر القرار الجماعي بذبحها , إنتقاماً منها لسوء سلوكها , و كان الذباح ان خالي , و منزلهم على الناحية الأخرى يَبعُد مسافة توازي منزلنا من الشارع الأخر , و لأن مَن يذبح في مقام أعلى من الناس , فقد حملنا إليه الذبيحة , بطتنا المشاكسة , و ربما لم يقُل بسم الله , فقد قطف رأسها بالسكين بعد أن مط جانبها على الأرض , و أخذ الرأس في يده و ترك البطة التي انطلقت مهرولة بلا رأس , انطلقت بسرعة متناسية أن رأسها هناك في يد ابن خالي الذي ألجمته المفاجأة , أفسحنا لها الطريق في خوف و ذهول , و انطلقنا خلفها حتى عادت الى المنزل بلا رأس , وصلت الى رُكنها الخاص و هناك سقطت خائرة , كأنها لم توافِق على الموت إلا في وطنها , و فحصناها ,أخيراً حصل مُنانا , لقد ماتت القبيحة , ماتت رغم عدم ذوقها عندما هربت بعد ترك رأسها في مشهد نادِر , مُستفِز , جعل المارة يتخابطون في فزع .
و برغم مُعجزتها الخارِقة , فقد صنعنا منها حساءً لذيذاً لوجبة الغداء , و لم نعُد لأخذ الرأس , لا يهُمنا , لأنه لا يحوي إلا مُخاً صغيراً , غبياً , و عندما بدأت أأكل القدميّن , نزل اليّ وحي يخبرني بأن هاذين القدميّن هما مركز ذاكرة البط , و أن رأس البط لا علاقة له بالذاكرة , كان تفسيراً مقنعاً لما حَدث , و أكلتهُما مع فرحتي بإكتشافي , و أحسست بأنني إسحاق نيوتن عندما لم يأكل التفاحة بعد سقوطها عليه , لأنه تساءل لماذا سقطت و لم تُحلِق , أو تثبِت بين الأرض و السماء .. هو إكتشف الجاذبية الأرضية , و أنا إكتشفت الذاكرة البطية , و كانت وجبة لذيذة .
تــــــــمـــــــــــت